إذا كان من المتعارف عليه أن اللونَ
يستهدِفُ وظيفةً إبداعيةً للتأثير على النفس البشرية باعتباره طريقًا من طرق التعبير
وواحدًا من المؤثرات المادية لتمييز المنتجات، فهل يمكنُ في إطار ما سبق تسجيل وحماية
"لونٍ" ذات صبغةٍ وحدويَّةٍ Color per se
كـ"علامةٍ تجاريةٍ" ؟ ثم هل يمكنُ للعلامة اللونيَّة في حد ذاتها أن
تؤديَ "الوظيفةَ الأساسيةَ للعلامة التجارية" ؟ وما الرأي حالما كان
طلب التسجيل يحتوي على ألوانٍ مميَّزةٍ ؟
أذكرُ أنه لم يعد هناك محلٌّ للإنكار في أن يكون للون في حد
ذاته دورٌ وظيفيٌّ انطلاقًا من المدلول الإيحائي والرمزي للشارة اللونيَّة كونه
عنصرًا تعريفيًّا يُميِّزُ المنتجات بعضها عن البعض، كـ"اللون
الأصفر" المميِّز لعلامة كوداك، وكذا اللون البنفسجي
لشكولاتة "ميلكا".
وللإجابة عن تلك الأسئلة كان من الجدير بنا أن نؤكدَ على أن قانون الملكية الفكرية المصري قد تناول فيما تناول في سياق تعريفه للعلامة التجارية في المادة (63) أشكالًا مختلفةً للعلامة التجارية من بينها تلك التي تتَّخذُ من "مجموعة الألوان شكلًا خاصًا ومميَّزًا".
والمتأمل في تلك العبارة يدرك على التوِ أن العلامةَ اللونيَّةَ يجب أن تتمثلَ في "توليفةٍ لونيَّةٍ" لا في "لونٍ وحدوي" أصيل، ذلك لأن التوليفةَ بطبيعتها قادرةٌ على إظهار الطابع المميَّز من خلال موضع وترتيب وتنسيق الألوان كي تشكِّلَ في جُملتها لونًا مميَّزًا فارقًا عن غيره من الألوان المماثلة له.
ويبدو أن لما سبق حكمةً تجلت في حرص المشرع المصري على تجنُّب احتكار أو استئثار شخصٍ ما بلونٍ بعينه من بين الألوان، ومن ثم لا عجب عند تقديم طلب تسجيل لعلامة تجارية تحتوي على ألوانٍ مختلفةٍ أن يعمدَ مكتبُ العلامات التجارية المصري - في الواقع العملي - إلى منح الطالب حقًّا خاصًا على الألوان الموضحة بالنماذج أو الصور المرفقة وليس على لونٍ بعينه.
غير أن هذا الأمر ليس على إطلاقه؛ لأنه في بعض الدول قد أمكن حمايةُ اللون الأُحادي المجرد بعيدًا عن توليفته متى توافر فيه شرطا "الطابع المميَّز" و"انعدام الدور الوظيفي".
ومن الجدير بالذكر أن تقنين الملكية الفكرية الفرنسي قد فرَّقَ بين أنواعٍ ثلاثةٍ من العلامات اللونيَّة: فهناك ما يُعرفُ بـ"التوليفة اللونيَّة"، وأخرى بـ"المجموعة اللونيَّة"، وثالثة بـ"التدرُّج اللوني" (للونٍ واحدٍ أو أكثرَ)، ولكلٍّ بالطبع خصائصه ومميِّزاته.