تشير حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة إلى الحقوق القانونية التي يتم
إسباغها على الإبداعات الناتجة عن النشاط الفكري في مختلف المجالات من الصناعة
والعلوم، أو الفن. ونجد أنه من خلال نظام براءات الاختراع كأحد أهم مجالات حقوق
الملكية الفكرية ، يتم منح المخترعين حقوقا إستئثارية عن اختراعاتهم لفترة زمنية
محددة مقابل الكشف عن تفاصيل اختراعاتهم ، ولعل هذه الحماية للمخترعين تعد الحافز
لهم للمزيد من الإبتكارات والتطوير والذي نراه بشكل واضح في مجال الأدوية
واللقاحات والتي تستلزم إنفاق كبير ومجهودات في البحث والتطوير،
ولعلنا إذا نظرنا إلى الوضع ما قبل تطبيق اتفاقية التربس ، نجد أنه حرصا من الدول النامية على توفير الأدوية للمرضى بأسعار معقولة تتناسب مع مستويات الدخل ، فقد اتجهت تشريعات تلك الدول إلى استبعاد الاخترعات الدوائية من الحماية المقررة ببراءات الاختراع وهو ما كنا نراه في قوانين البراءات ، على سبيل المثال القانون المصري الملغي رقم 32 لسنة 1949 ، حيث كان يحظر منح براءة اختراع عن الاختراعات الكيميائية المتعلقة بالأغذية والعقاقير الطبية أو المركبات الصيدلانية، إلا إذا كانت هذه المنتجات تصنع بطرق أو عمليات كيميائية خاصة وفي هذه الحالة كانت تنصرف الحماية إلى طريقة التصنيع ، وهو ما كان يتم الأخذ به في العديد من الدول،
إلا أنه مع دخول الملكية الفكرية كعنصر من
عناصر النظام التجاري العالمي الجديد، ومع ظهور إتفاقية التربس تم وضح حد أدنى من
معايير حماية حقوق الملكية الفكرية كما سبق وأشرنا، وقد تجاوز هذا الحد الأدنى
المعايير التي كانت تسود في الدول النامية، فنجد أن اتفاقية التربس قد ألزمت الدول
الأعضاء بها بأن تتيح إمكانية الحصول على براءات اختراع لكافة الاختراعات سواء
أكانت منتجات أم عمليات صناعية في كافة ميادين التكنولوجيا طالما توافرت بها
الشروط اللازمة ، كما أوجبت على الدول عدم التمييز بين الاختراعات على أساس مكان
الاختراع أو المجال التكنولوجي الذي ينتمي إليه أو ما إذا كانت المنتجات مستوردة
أم منتجة محليا،
إلا أن أن إتفاقية التربس قد تضمنت بعض المرونات التي قد تخفف من الآثار السلبية لمعايير الحماية التي أشرنا إليها في الدول النامية والتي سنتطرق إليها في المقالات القادمة.
علياء محمد اسماعيل
خبير بمنصة دعم حقوق الملكية الفكرية والإبتكار
مشروع
Ecosys – بنك الإبتكار المصري