الإطار القانوني للاقتباس العلمي
هناك إطار قانوني حاكم للاقتباس العلمي، ولكي نكون بصدد اقتباس مشروع لابد أن تتوافر شروط محددة ينبغي أن تجتمع معًا، فإذا اختل شرط من الشروط لم يعد هناك حينئذٍ محلًا لإعمال
الاقتباس.
وشروط الاقتباس في المجال العلمي يمكن إيجازها في الآتي:
- أن يكون الاقتباس "قصيرًا" (محدودًا) والقانون لم يحصِ نسبة محددة للاقتباس إنما جعلها تخضع للسلطة التقديرية للقاضي، والأمر يختلف تبعًا لكل حالةٍ على حدة وأيضًا للممارسات
المهنية المتعارف عليها في الأوساط الأكاديمية (وقد درجت الجامعات في لوائحها وسياستها على
أن تضع نسبة محددة للاقتباس المباح تتراوح على وجه التقريب من 20 % إلى 25 %، كما وضعت آليات مختلفة لفحص الاقتباس العلمي لأبحاث الترقية والرسائل الجامعية).
- أن يشير المُقتبِس إلى مصدر الاقتباس (عنوان المرجع محل الاقتباس) واسم
المؤلِّف.
- يجب ألا يتجاوز الاقتباس العلمي الغرض المخصص له وأن يستهدف الاقتباس
بصفة عامة أغراضًا بعينها (النقد أو المناقشة أو الإعلام).
- لابد أن تنقل المادة العلمية (النص محل الاقتباس) كما هي دون أدنى زيادة أو نقصان على أن يوضع الجزء المقتبس بين علامتي "تنصيص" لتحديده وتمييزه عن غيره.
ومن ثم فإن ما يلجأ إليه بعض الباحثين من إعادة صياغة لجزءٍ ما من المادة العلمية
محل الاقتباس لا يخرج عن فرضيتين:
الفرضية الأولى: أن يلجأ المُقتبِس إلى تحوير النص محل الاقتباس ونقله دون أن تظهر
فيه بصمته الشخصية وفي هذه الحالة لابد أن يذكر كل من المصدر الذي نقل عنه واسم المؤلِّف.
الفرضية الثانية: أن يلجأ الباحث إلى تحوير النص وإعادة صياغته بطريقته
الخاصة التي تنعكس معها بصمته الشخصية ومن ثم فإن ما تأثر به الباحث قد تحول إلى
نص جديد يختلف كل الاختلاف عن النص الأصلي في صورته الأولية وفي هذه الحالة لم يعد
هناك محل للاقتباس من الأساس.
وفي كل الأحوال لابد أن يكون حسن النية ركيزة ينطلق منها في عملية الاقتباس ذلك لأن الاقتباس
في المجال العلمي له غاية محددة لا ينبغي أن يتجاوزها الباحث، فإذا تم تجاوزها وأخل
بشروط وأحكام الاقتباس ففي هذه الحالة نكون بصدد اعتداء على حقوق المؤلِّف، ويكون
للمؤلِّف الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للتصدي لهذا الاعتداء وإثبات
واقعة الاعتداء من خلال التحايل الذي لجأ إليه الباحث المُقتبِس.
وخلاصة القول أن الاقتباس من مصنف محمي - دون الحصول على إذن من المؤلِّف - أيًا كان نوعه (مقال، بحث علمي، رسالة، أو غيره...) يخضع لإطار قانوني حاكم ينبغي ألا يتجاوز الغرض المخصص له فإذا حدث التجاوز وقع الاعتداء.
ياسر عمر أمين
خبيرٌ بمكتب دعم الابتكار وحقوق الملكيَّة الفكريَّة
أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا
Related Articles
"الصورة والفيديو والنص": طرق التعامل القانوني مع المواد المختلفة
حين ترغب في استخدام المواد التي لها حقوق ملكية على نحو سليم، تجد الخيارات أمامك عديدة. ولكن، يختلف الأمر حسب طبيعة المادة المستخدمة. فالتعامل مع الصورة مختلف عن التعامل مع النص أو الملف الصوتي. في هذا المقال، نستعرض سويًا طرق التعامل القانوني مع ...
الرأى المُعارض لفكرة أن برنامج الحاسب الآلى هو براءة إختراع
سنقوم في هذا المقال بعرض وجهة النظر المعارضة تحليلياً وفقاً لتعريف وشروط منح براءة الاختراع من ناحية، ولطبيعة برامج الحاسب الآلى القانونية وبيئة عمل برنامج الحاسب الآلى من ناحية أخرى، وموقف الفقة والتشريع المقارن من ناحية أخيرة، وذلك على النحو ...
حالات عملية لانتهاك حق المؤلف في مجال الموسيقى
نرى منذ قديم الأزل، يتفاجئ بعض المطربون المشاهير بعملية القاء لاغنيته من قِبل أشخاص آخرون في عملية انتهاك صريح لحقوقهم . فمثلاً المطربة Lana Del Rey التي أوضحت قيام أن إذاعة راديوهيد Radiohead برفع قضية انتهاك حقوق نشر والنسخ ضدها. كما قامت فرقة Led ...
ما هو "الاستخدام العادل"؟
في العديد من البلدان ، لا تنتهك استخدامات معينة للأعمال المحمية بموجب حقوق النسخ والنشر حقوق مالك حقوق النسخ والنشر. على سبيل المثال ، في الولايات المتحدة ، يتم تقييد حقوق حقوق الطبع والنشر بموجب مبدأ "الاستخدام العادل" ، والذي بموجبه يمكن اعتبار ...
الحماية القانونية للمحاضرات والأبحاث
:المحاضرات إن التحدث في إطار مؤتمرٍ من خلال محاضرةٍ تُلقى يدخل لا شك في عِداد "المصنَّفات الشفوية" تلك التي كفلَ لها قانونُ الملكية الفكرية حمايةً قانونيةً حالما يتمُّ تسجيلها بأية وسيلةٍ من الوسائل المتعارف عليها، كأن يعمدُ المتحدث - على سبيل المثال ...